مع الاعتذار لكل من يركز اهتماماته فقط داخل الحدود المصرية, فسأركز بعضًا من جهودى الضئيلة والمحدودة لسوريا, فنحن ممتدون داخل الشام, والشام ممتدة فينا, وبيننا تاريخ من امتزاج الدم, ولكن الدم يسفكه بشار كل يوم, وكانت جمعة طرد السفير السورى رائعة, وعبرت عن وعى مصرى عميق بأهمية المطالبة بطرد مبعوث البعث, ويبدو أنه: أسمعت لو ناديت حيًا, ولكن لا حياة لمن تنادى, فلا الخارجية المصرية قالت (فتية الوادى سمعنا صوتكم) ولا المجلس العسكرى وصلته الرسالة الغاضبة بوجوب طرد هذا السفير, أما الموت الحقيقى والصمم الفعلى فهو المجتمع الدولى, الذى يتلكأ ولا ينوى مطلقا الاقتراب من بشار ونظامه وجيشه, فلا بشار الأسد يمثل خطرًا على مصالحهم, ولا فوهات مدافع جيشه موجهة لإسرائيل, كما أن لعبة الفأر وقالب الجبن الرومى بين الغرب وإيران, تلقى بظلها وثقلها السخيف على معاناة الشعب السورى.
وأصبحت أميل إلى تشاؤم الكاتب البريطانى روبرت فيسك الذى يرى أن نظام بشار لن يسقط قريبًا، وأن مزيدًا من الدماء مرشحة للنزيف, بفضل الدعم الإيرانى غير المحدود.. وروبرت فيسك بالمناسبة هو أحد أهم الصحفيين الغربيين الذين وصلوا حماة السورية فى مطلع الثمانينيات عقب المذبحة المشهورة, ووثق لنا تفاصيل المذبحة المروعة، التى راح ضحيتها نحو ثمانية وثلاثين ألف سورى.
أميل إلى تشاؤم فيسك, ولا أعلق آمالا كبيرة على أحاديث بعض دول الخليج بإمكانية التدخل لإزاحة بشار, فبشار متحصن بجيش من الشبيحة المجرمين, الذين يعلمون جيدًا أن حياتهم مرتبطة بحياته, ثم هم يقتلون على الهوية والمذهبية, وليس كما يقول القومجيون العرب إنهم يعملون وفق نظام مؤسسى, حتى ينفوا عن الجيش السورى تهمة المذهبية, بل ما يحدث هو تطهير عرقى ومذهبى حقير, وليس أدل على ذلك من موقف بهلوان جنوب لبنان, الذى صفق للثورة بمصر والبحرين, ثم وقف يندب سيده. وفى آخر قفشاته يقول حسن نصر الله: "ما أقدم عليه الأسد والقيادة السورية من إصلاحات هل يمكن أن يقدم عليه ملك أو أمير أو شيخ فى أى نظام عربى حالى؟ "وسبحان الله الذى خلق الأسود والكلاب والحكماء والحمقى, وخلق الليل والنهار وكل شىء وضده, وخلقنى وخلقكم وخلق نصر الله، الذى أصبح المتحدث الرسمى باسم نظام بشار الأسد, والذى لا يستحيى فى الثناء على سيده ونظام سيده, ولا يبصر الدماء العربية المسكوبة والمتدفقة فى كل طريق بأرض الشام.
لو كنا غير قادرين على تقديم الدعم الواجب لنصرة شام العرب والصحابة, فلا أقل من أن نفتح أعيننا جيدًا, ونركز بعقولنا قليلاً, لنفضح بلطجية الزعيق والصراخ وتجار المقاومة, فالحرية لا تتجزأ, وكلمة الحق لا تتلون بحسب المذهب والمصلحة والتقية.