مشكلة مصر ليست فى الرئيس القادم أو الدستور أو المجلس العسكرى، مشكلة مصر فى أهلها، أهلها لم يعودوا يحبونها بل أزعم أنهم يكرهونها ويطبقون معها نظرية (إن خرب بيت أبوك الحق خد لك منه قالب).
المجلس العسكرى يبحث عن قالب والثوار والحكومة والمثقفين يبحثون عن قالب والحرامية والبلطجية وقطاع الطرق عن قالب، وهكذا ضاعت مصر وتفرق دمها بين أهلها الذين لا يستحقون أن يعيشوا على أرضها لأنهم لا يعرفون أهميتها ولا قيمتها.
مصر تضيع من بين أيدينا لأننا احترفنا الكلام وابتعدنا عن الفعل، كل فصيل أو تيار يريد أن يثبت أنه الصحيح وأن وجهة نظره هى الصحيحة، وينتظر خراب البلد ليقف مبتسما مش قلت لكم، طب وماذا بعد أن تتحول مصر إلى خرابة لا يوجد بها أمن ولا بنزين ولا خبز من أين سيأكل المنتصرون؟ وكيف يعيشون؟
هل سمعتم فى العالم عن بلده يحكمه مشجعو كرة القدم؟ فى الغالب لا يوجد إلا فى مصر، مصر التى يحكمها ألتراس الأهلى والزمالك والإسماعيلى والمصرى هؤلاء الألتراس مجموعة من مشجعى كرة القدم أغلبهم دماغهم فاضية لدرجة اللف وراء الفريق الذى يشجعونه فى أغلب محافظات مصر، ومعظمهم شباب مراهق صغير السن لم يصل إلى درجة النضج الإنسانى ولا السياسى وكل مايعرفه أن الكابتن أبو تريكة أهم عنده من أبوه وأمه.
بل وبلغ السفه بجمهور الكرة فى بورسعيد الذين رفض قرارات العقوبات التى وقعها اتحاد الكرة على النادى المصرى بسبب مقتل 73 شخصًا، مما جعلهم يحاولون اقتحام مبنى قناة السويس ورفع علم دولة بورسعيد والتهديد بمنع غير البورسعيدى من دخولها؟ فهل هذه عمايل ناس عاقلة؟
والمشكلة أن أعضاء مجلس الشعب عن بورسعيد انجروا وراء هؤلاء المراهقين بدلا من منعهم، فهل يعقل أن هذه هى مدينة بورسعيد الباسلة هل هؤلاء هم أبطال المقاومة؟ هل يمكن أن نصدق أن هؤلاء الأبطال هم أنفسهم الذين رفعوا العلم الإسرائيلى فى بورسعيد.
وعلى الجانب الآخر مراهقو الأهلى وألتراسه لا يعجبهم قرار اتحاد الكرة والنتيجة اعتصام وبيان تهديد بالتصعيد أى هبل هذا الذى يحدث فى مصر؟ وأى دولة تلك التى تترك قراراتها لمجموعة من مشجعى الكرة المتعصبين المحدودى الثقافة؟
هل أصبحت أقدار المصريين فى أيدى هؤلاء وهل هؤلاء يحبون مصر فعلا؟ كلا وألف كلا، لو هناك إسرائيليون يعيشون بيننا لن يفعلوا بها أكثر مما يفعله أبناؤها بها.
حتى الحكومة والمجلس العسكرى لا جديد ولا اختلاف عن حكومات مبارك ومبارك نفسه، أنهم ينتقلون من فشل إلى آخر ويتحركون فى اللحظات الأخيرة ويفقدون السيطرة على البلد وهم لا يشعرون.. أما مرشحو الرئاسة والثوار فكل يغنى على ليلاه لم أقرأ تصريحا أو بيانا لحل المشكلة ولا حياة لمن ينادى.
والآن البلد كله يقف فى طابور طويل للحصول على البنزين والسولار والحكومة كعادة كل حكومات مبارك تقول لا يوجد أزمة وإنها مفتعلة، طب لماذا قامت الثورة إذن؟ طالما أنه لا شىء تغير؟ ذهب سرور ومجلسه وجاء الكتاتنى ومجلسه هل شعرنا بتغيير؟ لا، وذهب نظيف وحكومته وجاء الجنزورى وحكومته وصلاحياته فهل شعرنا بأى تغيير؟ لا، وذهب مبارك وعصابته وجاء المشير ومجلسه فهل شعرنا بأى تغيير؟ لا.
أصارحكم القول إننا شعرنا بتغيير وحيد وهو أننا نتجه بمصر إلى الأسوأ ولا أريد أن أقول إن أيام مبارك وعصابته أفضل, لكن ورغم كل الأمور السوداوية مازلت مقتنعا أن مصر ستقوم من كبوتها لكننى لا أملك أى تصور لكيفية تحقيق هذا الحلم، إننى اعتصم بشىء واحد مقتنع به وهو أن الله سبحانه وتعالى لن يسمح لمصر التى قهرت التتار والصليبيين والإسرائيليين وحصن العرب والمسلمين الأخير بأن تسقط.
يارب ليس أمامنا إلا بابك نتضرع إليك ألا تتركنا نضيع.. اللهم أمين.