حكمة الله
الحمد لله الذي ما زالت احكامه على نظام الحكمة جارية واقداره في جميع خلقه نافذة وعليهم قاضية مكرم من اتقاه ومهين من عصاه ويعز من انقطع اليه ويذل من تمرد عليه يداوي كل ذي داء بدوائه الذي هو له اوفق ويقيم كل ذي قدر في مقامه الذي هو له اليق فمن كان السقم انفع لقلبه ابتلاه الله بالاسقام ومن كان العدم اصلح لحاله ارتضى له الاعدام يدبر عباده بحكم التدبير في مجارى التقدير ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض ولكن ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير فلا تتهموا الله في قضائه فإن قضاءه بزمام الحكمة مزموم وسلموا له بالانقياد لأمره في حلو القضاء ومره فإن المسلم له ليس بمحروم وقابلوا احسانه إليكم بدوام حمده وشكره وانسبوا عدله عليكم الى تقصيركم في القيام بواجب امره فإنه سبحانه على الدوام يعامل عباده بإحسانه وفضله فإذا استغاثوا بإحسانه على عصيانه ادبهم بسوط عدله حتى لا يزال المخلوق مراقبا لخالقه والمرزوق شاكر لرازقه متأدبا في معاملته مقتديا في السلوك الى ربه بأوليائه واهل طاعته فمن رزق ما يحب فليشكر الرازق ومن اصابه ما يكره فليتهم نفسه في معاملة الخلاق قال الله سبحانه تعالى في كتابه المبين ولقد اخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون ابتلاهم الله تعالى بالقحط ليخلعوا اردية كبريائهم ويرجعوا الى طاعة انبيائهم فالواجب على كل قوم انقطعت عنهم متصلات الأرزاق ان يعودوا باللوم على انفسهم ولا يتهموا الرزاق ويستفغروا ربهم من ارتكاب معصيته ويتوبوا اليه من الاصرار على مخالفته ويتحللوا غرماءهم من اهل المظالم ويأخذوا بالانكار على يد السفيه والظالم ويتصدقوا من فاضل ما انعم الله عليهم على من احوجه الله اليهم ويقيموا دين الله كما امر ويحذروا تمام نعمة الله فيهم فهو حق الحذر وينكسروا بين يدي الله عساه يجبر كسرهم ويبتهلوا اليه بالاستعانة والتضرع لعله يكشف ضرهم ويصلح امرهم يا جابر العظم الكسر ومطلق العاني الاسير يا منشيء الطفل الصغير وراحم الشيخ الكبير وغافر الاوزار يا شافي الدنف السقيم ومحيي العظم الرميم وواضع الاصار يا منقذ الغرقى قد اشرفوا على حد الهلاك بلجة التيار يا من يغيث العبد وهو فريسة في قبضة الاسد الهرير الضاري ارحم بفضلك جهلنا واقبل بعف وك عذرنا يا قابل الاعذار وافتح لنا ابواب رزقك شرعا ابدا وبذل عسرنا بيسرا جزاء المخالفين لأمر رب العالمين مخالفة الامر توجب سخط الآمر والاصرار على المخالفة اعظم منها ما اسرع العقوبة الى المسارع الى المعصية ومت ابعد الفلاح عمن لا تؤدبه العقوبة كيف يطمع في الزيادة من هو مضيع للشكر وكيف تدوم التوسعة لقوم كلما اتسعت ارزاقهم ضيقوا على فقرائهم المستعين بالنعم على المعاصي مستوجب السلب ومن لا يتأدب بالرزية في ماله ادبته الرزية في نفسه الا ترون كيف يعاتبنا ربنا تعالى بتضييق مجاري ارزاقنا وتسليط اقويائنا على ضعفائنا فما لنا لا نعتب ربنا اذا عتب علينا ولا نجيب داعية وقد اششار بطاعته الينا فهل ننتظر بعد لطيف العتاب الا عنيف العقاب فتوبوا الى الله مما انتم عليه من العصيان تبصروا فانكم عما قريب اليه صائرون فهل انتم على عذابه صابرون او على رفع بأسه قادرون فاتقوا الله بفعل ما امركم به وترك ما نهاكم عنه وادامة الذكر له واستشعار الخشية منه ولا تكونوا ممن ينام تحت الضرب ويظهر الجلد فإنه الله اذا عاقب لم يقم لعقابه احد غضب بعض الملوك على بعض من هو تحت يده فلم يحبسه في دار سجنه واجرى عليه رزقا واسعا ثم سأل عنه فقيل انه متجلد غير مكترث فأمر بنقله الى ما هو اضيق منه واشد ثم لم يزل كذلك كلما اخبروه عنه بقلة مبالاته بعقوبة الملك نقله الى ما هو اضيق منه واشد حتى امر بقتله فكذلك العبد اذا عصى ربه وجه اليه اخف عقابه فإن هو استقال واستغاث بربه اقاله وأغاثه وان هو اصر على ذنبه واستهان بعقوبته شدد الله عليه وزاده مما يوجهه اليه من العذاب كذلك ابدا حتى يكون احد امرين إما أن يتوب الى الله من معاصيه واما ان يتمادى في طغيانه ويصر على كفره وعصيانه ففي الأول يعافيه الله ويصطفيه وفي الثاني يخلده الله في دار نقمته ولا يؤنسه في رحمته العذاب مصبوب على اهل سخط الله والسخط حال على اهل معصية الله والمعصية لازمة لمن الشيطان له ملازم وإنما يلازم الشيطان من غشى عن ذكر الله فاحذر الغفلة عن ذكر الله فإنها اصل كل بلية وجالبة كل رزية احبه قلبي لا تخيب الامل وهذا اوان اقتراب الاجل فوا اسفا وواحسرتا لقب ح اقترافي وفرط الذلل لقد خاب ظني فيما رجوت وسدت علي وجوه الحيل عسى ترقمون على قصتي غفرانا لذا العبد ذاك الذلل وكنت احمل ثقل الغرام ولم يبق في عبدكم محتمل وما كنت أحسب أن البعاديبلغ قتلي فها قد قتل فبالله جودوا ولا تبخلوا وحاشاكموا سادتي من بخل فمعروفكم عم كل الورى الى كل دان وقاص وصل فمالي حرمت وكان الوصا ل علي حرام وللغير حل دعاء اللهم بعلمك بحالنا وقدرتك على اصلاحنا ورحمتك التي لم تزل تعاملنا بها منذ خلقنا اتمم علينا نعمتك وأوجب لنا رضاك ورحمتك وأجزل نصيبنا من جزيل لطفك وخفي عنايتك اللهم وفقنا للعمل بموجبات رضاك ولا تحرمنا عطاءك ولا تقطع لنا بنا دونك ولا تخيب رجاءنا فيك ولا تولنا احدا غيرك ولا تحرمنا خيرك يا من خير الدنيا والآخرة في خزائنه واهل السموات والارض مفتقرون لرحمته اللهم اننا ظلمنا انفسنا وأسأنا في معاملتنا وغفلنا عن التيقظ من ذنوبنا حتى غلب على قلوبنا رينها وقد ندمنا على قبح ما فعلنا وارتكبنا وبدا لنا سيئات ما كسبنا اللهم اغفر لنا مغفرة من عندك يحسن لنا بها توفيقك وتكشف بها عنا عذابك وتغشينا بها رحمتك يا من اظهر الجميل ستر القبيح ولم يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك السريرة يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث لا تكلنا الى انفسنا طرفة عين ولا الى احد من خلفك واصلح لنا شبابنا كله برحمتك يا ارحم الراحمين وصل على محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه اجمعين وسلم تسليما كبيرا الى يوم الدين